والقضاء على الفساد وإن التفكير في الإنتخابات في حد ذاتها والدخول في صراع مفرد مفرط بين الأحزاب إلى درجة التشتّت والتناحر يؤدي بنا نحو بتر عملية الانتقال الديمقراطي من سياقها التاريخي فترتدّ الثورة على ذاتها نكسة قد تتولّد عنها ديكتاتوريّة جديدة ولنا في التجربة الروسية مثال صارخ إذا قيست بتجربة جنوب إفريقيا بعد حكم الميز العنصري.. سنأخذ مثالا بسيطا عن ذلك في مفهوم العدالة الإنتقالية التي ترتكز على ثلاثة مقوّمات: 1المصارحة، 2 المحاسبة، 3 المصالحة، نجد بعض الأحزاب وبعض المواقف التي تتحدّث عن المصالحة قافزة عن مفهوم المحاسبة، فكيف يمكن أن نتصالح قبل أن نتصارح بأخطاء الماضي ونحاسب الجلاّدين وفي طور المصالحة يمكن للضحيّة أن يعفو ويسامح جلاّده.. إنّ العدالة الإنتقاليّة اليوم في ظلّ منظومة قضائيّة فاسدة لا تستقيم قبل إصلاح جهاز القضاء في علاقة وطيدة بحريّة الإعلام الذي مازال يخضع للتعليمات والتي من مهامه أن يكشف الحقائق المسكوت عنها.. كل ذلك في علاقة بالجهاز الأمني البوليسي الذي إرتكب الفضاعات والجرائم وهيكلة هذا الجهاز واعادة إصلاحه يحتاج إرادة سياسيّة وبرنامجا عميقا للإصلاح
يؤلمني أن تلهث الأحزاب نحو سرعة إجراء الإنتخابات والبحث عن مكسب سياسي هشّ نستطيع أن نخسره في كلّ لحظة مادام الأجهزة الثلاثة: الأمن والقضاء والإعلام لم تتحوّل بعد نحو مفهوم المؤسّسة.. يعني أن التحوّل من مفهوم الجهاز إلى مفهوم المؤسّسة هو تحوّل في صلب عملية الإنتقال الديمقراطي التي لا يفترض أن نستعجلها والتي قد تدوم سنوات ولكن المهم أن تتوافق المجموعة ليس نحو ميثاق جمهوري ولكن نحو برنامج سياسي لترسيخ هذا لتحوّل الديمقراطي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق