السبت، 24 يوليو 2010

عبيد خليفي: دعــــــه يتـعـفّـــن

دعــه يتعـفّن..

بقلم عبيد خليفي

دعه يتعفّن..

جاء الصيف والبحر والدّمع المؤجّل، ذهب العقل وانتفض الجسد يطلب شهواته الدّفينة.. حسن بنعبد الله يكتوي بنار السجن خلف قضبان لا تلين وعرق لا يهجع.. الفاهم بوكدّوس يرتجف من مصيره وقد استوى مددا وسجنا عددا.. وعدنان حاجي بين التهديد السافل والوعيد المبتذل يعتصر ألما لوجع رفيقة دربه.. جمعة السجينة بين تفاصيل الحياة والموت تريد أن تبقى له سندا.. ليس بيدك يا سيّدتي.. نحن نشتهي وهم أيضا يشتهون.. نحن نشتهي ما لا يشتهون، وهم خلف الأبواب المظلمة ينتظرون..

دعه يتعفّن..

ستمسك أيادينا بالرّائد الرّسمي لنقرأ تفاصيله.. عاش الاقتصاد الوطني حرّا منيعا.. عاشت المعامل ومصانع الساحل.. سحقا للمخرّبين المحرّضين للعاملات والعاملين.. صورة البلاد جميلة بهيّة وهم يريدون تلويثها بحبرهم الفاسد، الهواء نقيّ وهم ينفثون سمومهم القاتلة.. لا تقلقوا نحن في هدنة، الحاكم كما المحكوم كلّنا في فسحة، بيننا وبينكم الصيف ليفتحوا لنا أبواب الجحيم بعدها.. صـــه؟ بالعاميّة "سكّر فمّك"، أغلق فمك وأملأه بالدّقيق والتراب لتنسى الكلام أبدا..

دعه يتعفّن..

الحصار يضربني في الإتجاهات الأربع، لا بيت لي.. لا زوجة.. لا شغل يكفيني حاجتي من وجعي، أنا لا أملك قصورا ولكنّني بنيت جدارا وهميّا على شاشة من الضوء والهباء، وحلمت كثيرا.. صفحتي صحيفتي، تقرأني صديقتي وتنثرني عشيقتي.. رسمت بالحرف عالما باسما على جداري، لكنّهم لم يتركوه.. هدموا جداري وحجبوا حائطي.. سقط الحائط وهو من أصله ساقط.. صعد السّاقط على الحائط لينثر على وطني بعضا من كذب وغائط..

.. دعه يتعفّن..

تكاد روحي تتعفّن لكلّ الصفات الوطنيّة التي تلقّيتها في مدارسهم النّاعسة وشوارعهم البائسة، لم يبق في ذهني منها سوى الذي كتبته الأيادي المرتعشة على الأبواب الخلفيّة للمراحيض العمومية.. ز.. ع... اللّعنة على لغة تستحي منّي فلا تكتب، هي تتقن كيف تهرب من شروطها وقيودها.. الصيف حار ولهيب النّار أقلّ وطأة من العار، يقولون النّار ولا العار، ونحن نكتوي بهما معا في وطني الذي بدأ يتعفّن..

دعه يتعفّن

برهان غاب عنه البرهان، نثر وثرثر.. نحن عصابة والفاهم روّج للعصابة بكلّ دعابة، نحن نستحقّ سجنا وهو يستحقّ قصرا وحصنا، فهم اللعبة فثرثر ونثر من كذب وزيف ما غاب عن التوراة والانجيل.. الوطن مستقل، والقضاء مستقل، وحريّة التعبير مكفولة، والقفّة محمولة ومصائرنا مجهولة.. خجلت من وطني حين يصير أضحوكة عند الكلاب في لحظة الغياب..

دعه يتعفّن؟ من قال أنّـه لم يتعفّن بعد؟ صحفنا الوطنيّة ستثمّن، والشعب لن يخمّن.. روحي وعقلي ومصيري بين ثنايا الطّوائف يضيع بحثا عن جهنّم التي صنعوا ورسموا.. وطني يضيع بين أكاذيبهم خرقا ونسفا، الرّائحة نتنة كريهة كمفاهيم السياسة في بلادي، يضحكون منّا لأنّ الجثّة تعفّنت وهم يريدونها خلودا سرمديّا.. لكم البلاد والعباد يا صانعي الفساد وسارقي العتاد..

دعــــه يتعفّن، اللّعنة عليّ وعلى عفني وتعفّني وتأفّفي..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق