الثلاثاء، 6 أبريل 2010


في اطار مهرجان الفلم الوثائقي في تونس من 1 أفريل وحتى 4 أفريل 2010، شاهدت مجموعة من الأفلام التي تحتاج وقفة متأنية قراءة وتفكيرا.
أولى الأفلام كان بعنوان "المبادرة العربية" للمخرجة الدانماركيّة لوت ميك ماير ، بطول 58 دقيقة، ومحتوى الفلم متابعة معيشيّة لحياة عائلة دانماركيّة في القاهرة عاصمة مصر بعد أزمة الرسّوم المسيئة للرسول محمّد، والفلم من الناحية الفنيّة يعبّر عن اشتغال جيّد على الصورة ورموزها في غياب الكلمة والتعبير. لكنّي استخلصت جملة من الملاحظات بعد مشاهدة دقيقة لعلاقة الأنــا بالآخـــر:
* العائلة الدنماركية التي صوّرها الفلم هي عائلة محافظة دينيّة رغم التكوين الأكاديمي لربّ الأسرة، وبالتالي فهو يقدّم رؤيا غير موضوعيّة ولا علميّة غير متسلّحة برؤية نقديّة لتأسيس حوار بين الأديان.
* حاول الفلم أن يأسر إشكاليّة الحوار/الصراع بين الأديان في الاطار المؤسساتي الرسمي ولم يعالجه في المجال الشعبي، حتى وان نزلت المخرجة الى الشارع لتحاور صحفيّا بجريدة الأهرام ليقدّم صورة مبتذلة عن رؤية الأنا المسلم للآخر المسيحي الغربي الدنماركي.
* نفس الرؤيا الفنيّة التي تتحكم في الفلم وهي تركّز على صورة القاهرة في الليل هادئة أو عند الغروب وهي تغرق في التلوّث والغبار في صورة قاتمة توحي بالاكتئاب، وبين القاهرة في النهار الغارقة في تعليق اليافطات الانتخابية وحملاتها المجنونة نحو الكراسي الرسميّة.
* ينهي البطل أو ربّ الأسرة مهمّته في مصر إراديّا في آخر الفلم، ولست أعلم هل كان ذلك تعبيرا عن فشل المهمّة؟ أم أنّ هذا الحوار لم تحن ظروفه وشروطه؟ وان كان الاحتمال الأول أقرب في نظري.
أعتقد أنّ هناك ثلاث مستويات للحوار بين الأديان: في المستوى الشعبي، وفي المستوى الرّسمي المؤسساتي، وأخيرا في المستوى الأكاديمي، وبين هذه المستويات الثلاثة نجد الفلم قد سطّح المستوى الشعبي، وأفشل المستوى الرسمي المؤسساتي، ثمّ غيّب تماما المستوى الأكاديمي العلمي وإن استحضر بعض الباحثين التيولوجيين في المجالين الاسلامي والمسيحي.
عبيد خليفي
باحث جامعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق